إذا كان موضوع الضغوط متشعباً وشائكاً كما يعتقد بعضهم، فإننا يمكن القول أن التعامل معه أكثر تعقيداً وتشابكاً، لاسيما أن بعضاً من جوانبه...لا إرادي يصعب التحكم به حتى عند الأشخاص الأسوياء، والقسم الآخر إرادي ملحوظ...ومن هنا جاءت المصاعب في تحديد أساليب التعامل مع الضغوط.
من المعروف أن الضغوط تمثل خطراً على صحة الفرد وتوازنه، كما تهدد كيانه النفسي، وما ينشأ عنها من آثار سلبية، كعدم القدرة على التكيف وضعف مستوى الأداء والعجز عن ممارسة مهام الحياة اليومية، وانخفاض الدافعية للعمل والشعور بالإنهاك النفسي.
فإن أساليب التعامل مع هذه الضغوط هي الحلول السحرية لإعادة التوافق عند الإنسان إذا ما إستدل على معرفة الأسلوب المناسب لشخصيته.
وهنا تكمن الصعوبة، فحينما يتعامل الإنسان مع الموقف فإنه يستجيب بطريقة من شأنها أن تساعده على التجنب أو الهروب أو من تقليل الأزمة.
سنقوم في هذا الموضوع بإستطلاع بعض التعريفات لأساليب التعامل والتي يستخدمها معظم الناس الأسوياء -الأصحاء- في تعاملهم مع ضغوط الحياة.
علماً بأن معالجة الضغوط تعني ببساطة أن نتعلم ونتقن بعض الطرق التي من شانها أن تساعدنا على التعامل اليومي مع هذه الضغوط والتقليل من آثارها السلبية بقدر الإمكان.
إن ما سيواجهنا لإحداث حالة التوافق عند استخدام أساليب التعامل أو آليات الدفاع اللاشعورية تساؤل مهم، وهو: إلى أي مستوى يكون التوافق طبيعياً لكي يحدث التوازن؟
* تعـريفـــات:
تُعرف أساليب التعامل بأنها الطريقة أو الوسيلة التي يستخدمها الأفراد في تعاملهم مع الضغوط الواقعة عليهم.
فعرفها سبيلبرجر: بأنها عملية وظيفتها خفض أو إبعاد المنبه الذي يدركه الفرد على أنه مهدد له.
أما كوهين ولازروس فيعرّفانها على أنها: أي جهد يبذله الإنسان للسيطرة على الضغط.
ويعرفها -الإمارة- بأنها المحاولة التي يبذلها الفرد لإعادة إتزانه النفسي والتكيف للأحداث التي أدرك تهديداتها الآنية والمستقبلية.
إن الأزمة النفسية الشديدة أو الصدمات الإنفعالية العنيفة أو أي اضطراب في علاقة الفرد مع غيره من الأفراد على مستوى البيت أو العمل أو المجتمع الصغير وغير ذلك من المشكلات أو الصعوبات التي يجابهها الفرد في حياته، والتي تدفع به إلى حالة من الضيق والتوتر والقلق، تخلق لديه الوسيلة لاستيعاب الموقف والتفاعل معه بنجاح فيتخذ أسلوباً لحل تلك الأزمة على وفق استراتيجية نفسية خاصة تتناسب وشخصيته.
هذه الطرق والوسائل التي تستطيع أن تخفض التوتر تسمى أساليب التعامل مع الضغوط، وعند نظرية التحليل النفسي تسمى بالأساليب أو الحيل الدفاعية أو آليات الدفاع، وهي تعد حلاً توفيقياً وسطاً، أو تسوية بين المكبوت وقوى الكبت، كما أنها أشبه ببديل تعويضي عن فشل الكبت وما يترتب عليه من قلق، وإن أهم ما يميز العمليات الدفاعية في منهج عملها عن أساليب التعامل، كون الأولى تحدث لا شعورياً، أما الثانية -أساليب التعامل- فهي تحدث شعورياً ويلجأ إليها الفرد بما يلبي نمط شخصيته في الرد على الموقف الضاغط أو المهدد.
إن إدراك الفرد للضغط يعد من أهم الاستجابات الصحيحة الأولى لدى الفرد، واعتبر رد الفعل لذلك الضغط.
هو إدراك الفرد للتهديد المحتمل في المواقف الضاغطة، وهو إعتقاد الفرد بقدرته في مواجهة أو تجنب التهديد في ذلك الموقف، وهو الجانب الأهم.
لقد زاد الإهتمام منذ سنوات عدة بالوسائل والطرائق التي يلجأ إليها الفرد لدرء الخطر الذي يواجهه يومياً في حياته، وسمى علماء النفس هذه بأساليب التعامل Coping وعندما يستخدمها الناس إنما يستجيبون بطريقة من شأنها أن تساعدهم على تجنب ذلك الموقف الضاغط أو الهرب منه أو حتى التقليل من شدته بغية الوصول إلى معالجة تحدث التوازن.
ولم ينصب الإهتمام على دراسة نوع واحد بعينه من الضغوط، بل تم دراسة أساليب التعامل مع الضغوط بأنواعها المختلفة وحسب نوعية الضغوط أو شدتها، فأسلوب التعامل مع النكبات التي تمر بالإنسان يختلف عن أسلوب التعامل مع الضغط الداخلي. فقد أثبت العلماء أن أسلوب طلب الإسناد الإجتماعي.
هو أحد أساليب التعامل مع الضغوط الناجمة عن فقدان شخص عزيز أو الحرائق التي تحصل لممتلكات الإنسان وأمواله، أو النكبات الطبيعية، أما أسلوب الإسناد الإنفعالي، فهو الأسلوب الأكثر إستخداماً مع الأفراد المصابين بالاكتئاب النفسي.
وسنستعرض أساليب التعامل -شعورية- وآليات الدفاع -ميكانيزمات-لاشعورية- وإستخداماتها.
أساليب التعامل مع الضغوط وآليات الدفاع
نوجز بعض أساليب التعامل مع الضغوط بما يلي:
= التصدي للمشكلة.
= طلب الإسناد الاجتماعي.
= طلب الإسناد الانفعالي.
= ضبط النفس.
= الخيال والتمني.
= التجنب والهروب.
= العدوان.
= الإبدال.
أما آليات الدفاع أو الحيل أو ميكانيزمات الدفاع فهي:
ـ الكبت.
ـ التعويض.
ـ التبرير.
ـ التحويل.
ـ التكوين العكسي.
ـ النكوص.
ـ التوحد -التقمص-.
ـ التسامي.
ـ الخيال.
ـ الإسقاط.
إن التصور العام عن أساليب التعامل Coping مع الضغوط شامل ويحتاج إلى تفصيل أكثر وخاصة إذا استخدم مع آليات الدفاع اللاشعورية.. فيرى بعض علماء النفس بأن أساليب التعامل مع الضغوط تعتمد على أنها:
أ) وسيلة تعديل أو محو الموقف الذي يزيد من حدة المشكلة التي تسبب الضغط.
ب) وسيلة التحكم الإدراكي وإستدعاء الخبرات لتحييد المشكلة.
ج) وسيلة التحكم بالنتائج الإنفعالية للمشكلة ضمن حدود الإستجابة الناجحة للحل.
وعموماً فإننا نرى بأن التعامل مع الضغوط عبارة عن أساليب تختلف بإختلاف الأفراد أنفسهم. وبناءً على ذلك فسنستعرض تلك الأساليب بشكل مفصل.
الكاتب: أ. نسيبة المطوع.
المصدر: موقع رؤية.